الكلب المنتقم

   مرَّ إبراهيم ورفاقه بإحدى المزارع؛ فهاش عليهم أحد الكلاب ونبح نباحًا عاليًا؛ فما كان من إبراهيم إلّا أن تناول حجرًا بيده اليمنى وصوّبها نحو ذلك الحيوان الأمين، الذي لم يجاوز حدّ وظيفته في نباحه، ورماه بها، فأصابت منه موجعًا، فلم يزدد إلّا ضراوة وثورة، وهجم على المارّة وكأنّه ذئب جائع، فأخذوا يرشقونه بالحجارة مدافعين عن أنفسهم، فلم يتمكّنوا من ردّه.

   أخيرًا هرع إليه صاحبه، وهدّأه بعد جهد، وأعاده إلى مربطه. فانصرف المارّة مؤنّبين رفيقهم إبراهيم على تحرّشه بذلك الكلب، وتبادلوا التهاني لخلاصهم من أنياب الحامي الضاري وعضّاته المؤلمة.

الانتقام: مضى على ذلك الحادث بضعة شهور، ونسى إبراهيم ما حصل. وفي ذات يوم، ذهب ثانية الى تلك المزرعة وحده. وما أن أطلّ حتّى رآه الكلب، فأسرع إليه وهاجمه، فاستولى عليه الخوف الشديد وأخذ يعدو كالريح، والكلب يطارده ويباريه حتّى لحق به ورماه على الأرض وعضّه عضّة قويّة، وغرزت أنيابه الحادّة في يده، فأخذ المعضوض يستغيث وكان قد رآهما بعض سكّان المزرعة، فركضوا للحال ودافعوا عن إبراهيم، ولولاهم لسحق الكلب يده وقضى عليه. ثم التفتوا إلى المعضوض وقد هدأ روعه: إنّ ما لقيته من الألم هو ثمن ذلك الحجر الذي ضربت به كلبنا منذ شهور! إنّه لم ينس الإساءة، ثم مضوا به إلى البيت وعالجوا جرحه، وعاد على أثر ذلك إلى قريته كاسف البال ولم يخطر بباله أن يزور تلك المزرعة إلّا بعد موت الكلب العدوّ.

                                        يوسف س. نويهض